مع التعديلات الجديدة التي طرأت على مدونة السير في المغرب، أصبح من الواضح أن الانتقال نحو المراقبة الرقمية للسرعة وزمن السياقة مسألة وقت فقط. المصطلحات التي وردت في مشروع التعديل الأخير، مثل "البيانات الإلكترونية"، "الحامل"، "بطاقة السائق"، تشير بوضوح إلى الطاكوغراف الرقمي، الذي يُعرف عالميًا بأنه جهاز يراقب أوقات السياقة والراحة والسرعة بطريقة أوتوماتيكية، مما يعزز الشفافية والانضباط في قطاع النقل.
هذا الاتجاه لم يكن وليد اللحظة، بل تم التمهيد له منذ صدور القرار الوزاري رقم 2399.20 سنة 2021، الذي تحدث عن دعامة التسجيل، محددًا خصائصها ومجال استخدامها وآليات مراقبتها. وقد وردت في القرار إشارات صريحة للموشار الرقمي، مما يعني أن إدماجه أصبح خطوة حتمية، في إطار سعي السلطات لتنظيم المجال الطرقي بشكل أكثر دقة وفعالية.
البنود الداعمة لاعتماد الطاكوغراف الرقمي
لفهم كيفية تأثير هذا القرار على السائقين، نستعرض بعض البنود الرئيسية من القرار الوزاري 2399.20 التي تؤكد على ضرورة الرقمنة في المراقبة الطُرقية:
-
المادة 8:
- "يتم التسجيل في شكل رقمي داخل ذاكرة الجهاز أو على رقاقة."
- التفسير: يؤكد هذا النص أن البيانات لن تُسجل على ورق أو أقراص ميكانيكية، بل ستُخزن رقمياً، مما يعني سهولة الوصول إليها وتدقيقها من قبل الجهات المختصة.
-
المادة 11:
- "في حالة التسجيل على ذاكرة رقمية..."
- التفسير: يشير هذا البند إلى أن النظام الجديد يعتمد على الذاكرة الرقمية كعنصر أساسي في تسجيل بيانات السياقة، مما يُلغي الاعتماد على الطرق التقليدية ويقلل من احتمالات التلاعب بالبيانات.
-
المادة 14:
- "يجب تسجيل تاريخ وساعة الأحداث (إدخال الرقاقة، إخراجها)."
- التفسير: يوضح هذا النص أن كل تغيير يتم على الجهاز سيتم توثيقه تلقائيًا، سواء تعلق الأمر بإدخال أو إخراج بطاقة السائق، مما يعزز المراقبة الدقيقة لساعات العمل والتوقف.
-
المادة 17:
- "يجب أن تحتوي الرقاقة على بيانات السائق..."
- التفسير: يفرض هذا البند أن تكون بطاقة السائق مشفرة وتحمل جميع المعلومات المتعلقة بساعات عمله، مما يعني عدم إمكانية تجاوز الحد المسموح به دون أن يُكتشف ذلك عند الفحص.
التحديات والصعوبات في مرحلة الانتقال نحو الرقمنة
رغم الفوائد المتوقعة من اعتماد الطاكوغراف الرقمي، إلا أن الانتقال إلى هذا النظام قد يواجه عدة صعوبات، منها:
-
تكلفة التحديث:
- تركيب الطاكوغراف الرقمي في الشاحنات يتطلب استثمارات مالية، سواء من قبل الشركات أو السائقين المستقلين، ما قد يشكل عبئًا اقتصاديًا خاصة على المقاولات الصغرى.
-
التأهيل والتدريب:
- السائقون بحاجة إلى تكوين لفهم كيفية استخدام الجهاز الرقمي، قراءة بياناته، والتعامل معه في حالة وقوع أخطاء تقنية أو أعطال.
-
إشكالية البطاقة الشخصية للسائق:
- سيتم الاعتماد على بطاقات رقمية مرتبطة بالسائق، مما يفرض وجود نظام متكامل لتوزيعها وإدارتها، وهو أمر قد يواجه بعض التأخير الإداري أو التنظيمي.
-
المراقبة الصارمة:
- مع الرقمنة، ستصبح المخالفات المسجلة أكثر دقة، مما قد يعرض السائقين لمزيد من العقوبات عند أي تجاوز طفيف، خاصة إذا لم تكن هناك فترة انتقالية واضحة تُمكنهم من التأقلم مع النظام الجديد.
-
التوافق مع الشاحنات القديمة:
- العديد من الشاحنات العاملة في المغرب مجهزة بأنظمة تقليدية، وقد تحتاج إلى تعديلات كبيرة لتكون متوافقة مع الطاكوغراف الرقمي، وهو ما يتطلب استثمارات إضافية.
إن اعتماد الموشار الرقمي هو خطوة منتظرة ستغير طريقة عمل النقل الطرقي بالمغرب، وستساهم في تنظيم القطاع بشكل أكثر شفافية وانضباط. إلا أن النجاح في تنفيذ هذه الخطوة يتطلب مواجهة التحديات المحتملة بطرق عملية، مثل توفير دعم مالي جزئي لتحديث الشاحنات، وتدريب السائقين، ومنح مهلة انتقالية معقولة قبل التطبيق الصارم للقانون.

0 تعليقات