سائقو النقل المدرسي.. جنود في الظل بين المعاناة والتضحيات



لا يخفى على أحد الدور الكبير الذي يلعبه سائقو النقل المدرسي في ضمان حق الأطفال في التعليم، خاصة في المناطق النائية حيث يواجه التلاميذ صعوبات في الوصول إلى مدارسهم. هذه الفئة التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من المشهد اليومي، تراها منذ ساعات الفجر الأولى تجوب الدواوير والقرى، متحديةً الظروف القاسية والطرقات الوعرة، في سبيل إيصال فلذات الأكباد إلى مدارسهم بأمان.

ورغم جسامة المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، يبقى وضعهم المادي والمعنوي بعيدًا كل البعد عن التقدير الذي يستحقونه. فأجورهم الهزيلة لا تتناسب إطلاقًا مع حجم التضحيات التي يقدمونها يوميًا، حيث يتقمص السائق دور المرافق التربوي الذي يحرص على انضباط التلاميذ وسلامتهم، ودور السائق المحترف الذي يتعامل مع مختلف التحديات على الطريق، بل وحتى دور الميكانيكي الذي يجد نفسه مضطرًا لإصلاح الأعطال الطارئة حفاظًا على سير الرحلات.






وفي المقابل، يواجه هؤلاء السائقون نظرة المجتمع القاصرة، فلا إنصاف لهم ولا كلمة طيبة ترفع من معنوياتهم. فهم يتحملون ضغوطًا نفسية كبيرة، بين المسؤولية الثقيلة التي يحملونها على عاتقهم والخوف المستمر من الحوادث أو الأعطال التي قد تعرض الأطفال للخطر.

أعظم سائقي النقل المدرسي، إن لم نقل جلهم، ولجوا هذه المهنة بدون خبرة مسبقة أو تكوينات في هذا المجال، لهذا وجب إعادة تسليط الضوء على هذه الفئة وتنظيم دورات تحسيسية وتوعوية لتحسين أدائهم وضمان سلامة التلاميذ الذين يعتمدون عليهم يوميًا.

إن الواقع المرير الذي يعيشه سائقو النقل المدرسي يتطلب إعادة النظر في أوضاعهم، سواء من حيث تحسين أجورهم، أو توفير تكوينات مستمرة لهم، أو حتى منحهم الحماية الاجتماعية اللازمة. فبدون هؤلاء السائقين، سيظل آلاف الأطفال محرومين من حقهم في التعليم، وسيتعمق واقع الهشاشة في المناطق القروية.

إنصاف هذه الفئة ليس مجرد مطلبٍ اجتماعي، بل هو ضرورة لضمان استمرار مرفق النقل المدرسي بشكل آمن وفعّال. فهل آن الأوان لأن ننصفهم ونعترف بجميلهم؟

إرسال تعليق

0 تعليقات