تيزي ن تيشكا: حكاية التحدي والمغامرة بين قمم الأطلس
في بعض اللحظات، قد يبدو المشهد وكأنه لحظة تأمل، أو ربما لوحة تنطق بجمال الطبيعة وسحرها. لكن الحقيقة أعمق من ذلك. إنها صورة مأخوذة من أعلى قمم جبال الأطلس، وبالتحديد من المنعرجات الشهيرة لممر "تيزي ن تيشكا". هذه الجبال التي تكتنز بين طياتها مغامرات وتحديات لا حدود لها، لم تكن بالنسبة لي مجرد ممر جبلي وعر؛ بل كانت ميدانًا للتحدي وشغفًا لتجاوز العقبات والانحناءات الخطيرة.
كلما عبرت هذا الممر، كنت أشعر بأنني أواجه اختبارًا جديدًا، تحديًا يضعني أمام قوة المنعرجات وصعوبة الطبيعة. لكن هذه المغامرة لم تبدأ فقط من لحظة قيادتي للمركبات عبر هذه الطرق، بل تعود إلى طفولتي. حينها، كنت أجلس في الحافلة كمسافر صغير، وعيناي لا تفارق السائق. كنت أراقبه بدقة، أدرس حركاته داخل قمرة القيادة، وأطرح في مخيلتي مئات الأسئلة عن تصرفاته وعن كيفية تعامله مع كل منعطف وكل عقبة تظهر أمامه. كنت أتساءل: هل سأكون يومًا ما قادرًا على قيادة مركبة في هذا الممر الملتوي؟
واليوم، وأنا أقف على قمة هذه الجبال، أجد نفسي ممتنًا لها. فهي لم تكن فقط طريقًا مليئًا بالصعوبات، بل كانت مدرسة علّمتني كيف أخوض مغامرات الحياة. هنا اختبرت جميع أنواع المركبات: شاحنات مترابطة وثقيلة، حافلات مكتظة بالمسافرين، وحتى السيارات الصغيرة. كل تجربة كانت تضيف لي نفسًا عميقًا من الخبرة والثقة بالنفس. كيف لي أن أنسى أيام الشتاء القارس، حيث كان الثلج يغطي الطرق ويُعقد المسار؟ لم تكن تلك الأيام مجرد معاناة، بل كانت مغامرات تنحت في داخلي إرادة أقوى لتحدي كل صعوبة.
وعلى طول هذا الممر، عند كل منعطف، تركت ذكريات وقصصًا تحمل معاني خاصة لي. والآن، بعد أن شهدت تطورك يا "تيزي ن تيشكا"، أصبحت مساراتك أوسع ومنعرجاتك أكثر وضوحًا، وبتِّ أقل وعورة من ذي قبل. ومع ذلك، يبقى التحدي الذي حملته لي هذه الطرق محفورًا في ذاكرتي، كأنه حوار داخلي بيني وبين الطبيعة.
هكذا كانت رحلتي، وهكذا كان حديثي مع منعرجات تيزي ن تيشكا، التي علّمتني أن أواجه التحديات وأعيش لحظات المغامرة بكل شغف.