قلوب على عجلات: الخوف الذي لا يُرى

 

قلوب على عجلات: الخوف الذي لا يُرى




كانت الليلة مظلمة، ونحن نسير ببطء في غابة كثيفة. همست بصوت خافت، لكنه وصل إلى مسامعي، تقول لصديقتها القريبة: “ليتني أمتلك قلوبًا لا تعرف الخوف، مثل هؤلاء السائقين الذين لا يرهبهم سواد الليل ولا وحشة الغابات التي تخفي المجهول… وربما الوحوش.”

ابتسمت في صمت، وداخل نفسي قلت: “من قال إننا لا نخاف؟”

صحيح أننا لا نخشى الوحوش التي تتربص بين الأشجار، ولا الأرواح التي قد تملأ قصص الأساطير، لكن الخوف الحقيقي الذي نحمله مختلف تمامًا. هو خوف ينغرس عميقًا في جوارحنا، لا نبوح به، لا نسمح له بالخروج. لا لأجلنا، بل لأجل من معنا.

هل جربتِ يومًا الشعور عندما تبدأ حافلتك بالانزلاق على منحدر جليدي، وتحملك معك مسؤولية خمسين نفسًا؟ أرواح تتعلق بك وبقراراتك في تلك اللحظة القاسية؟

هل شعرتِ بالرعب وأنت تقتربين من منحدر شديد الانحدار، وتضغطين على الفرامل فلا تستجيب؟ تحاولين مرة وأخرى، والوقت يمر كأنه يطاردك، والخطر يزداد قربًا؟

أو تخيلي هذا: على طريق ضيق، تواجهين مركبة أخرى تقترب بسرعة، وتجدين أن الطريق قد امتلأ ولم يعد هناك متسع لك. ماذا ستفعلين؟ كيف سيكون شعورك؟

الخوف الذي نعيشه ليس مثل ما تتصورين. إنه خوف لا يُرى، لا يُسمع، لكنه يعصف بنا في صمت. نحمله في قلوبنا، نحاول أن نُسكته حتى لا نخيف من وثقوا بنا. لأنه إن ظهر، فلن يكون هناك مجال للثقة أو الأمان.

نحن لا نخاف كما تخافون، سيدتي. لكننا نخوض معركة دائمة مع قلقنا، مع هواجسنا، ومع المسؤولية الثقيلة التي نتحملها كل يوم، وكل ليلة، على طرق لا ترحم.

إرسال تعليق

0 تعليقات